على الرغم من أن الكثيرين ينظرون إلى تعدين البيتكوين باعتباره طريقًا سهلًا نحو الثروة، فإن الواقع يختلف كثيرًا عن تلك الصورة الوردية. فالتعدين ليس كما يبدو في مقاطع الفيديو التسويقية أو الإعلانات المبهرة، بل هو صناعة معقدة، مليئة بالتحديات والمخاطر، وقد تؤدي في النهاية إلى خسائر فادحة بدلًا من تحقيق المكاسب. في هذه المقالة نستعرض لماذا أصبح تعدين البيتكوين أقصر طريق إلى الإفلاس؟
1. الأجهزة تتحول إلى خردة في وقت قياسي
معدات التعدين التي تُشترى بمبالغ طائلة لا تدوم طويلًا. فشركات التكنولوجيا تطرح أجيالًا جديدة من الأجهزة بوتيرة متسارعة، وكل جيل يكون أكثر كفاءة من سابقه. هذا يعني أن الجهاز الذي تملكه اليوم قد يصبح غير مربح خلال أشهر قليلة، ويتحوّل إلى قطعة معدنية بلا قيمة. في عالم يتسابق فيه الجميع على القوة الحاسوبية، لا مكان لمن يتأخر خطوة واحدة.
2. تكلفة الكهرباء تفوق العائد
أحد أكبر الأوهام المنتشرة هو أن التعدين يولّد أموالًا مجانية. لكن الحقيقة أن فواتير الكهرباء تمثل عبئًا ثقيلًا لا يستطيع معظم المعدّنين تحمّله. في بعض الدول، قد تتجاوز تكلفة الكهرباء عائد التعدين نفسه، مما يجعل المشروع خاسرًا من البداية. والاعتماد على مصادر كهرباء أرخص أو غير مستقرة قد يعرّضك لمشاكل قانونية أو تقنية.
3. القوانين غير مستقرة وقد تنسف مشروعك
الاعتماد على بيئة قانونية ثابتة في هذا المجال ضرب من الخيال. فقد يكون التعدين قانونيًا في صباح يوم معين، ثم تصدر السلطات قرارًا مفاجئًا بحظره في المساء، كما حدث في الصين ودول أخرى. هذا النوع من القرارات يمكن أن يدمّر استثمارك بالكامل خلال ساعات، خصوصًا إذا كنت قد أنفقت أموالًا طائلة على شراء الأجهزة وشحنها وتشغيلها.
4. الأرباح تنخفض إلى النصف بانتظام
آلية “الهالفينغ” (Halving) التي تحدث كل أربع سنوات تقطع مكافآت التعدين إلى النصف. وبالرغم من أن البعض يراهن على ارتفاع سعر البيتكوين لتعويض هذا الانخفاض، إلا أن هذا ليس مضمونًا. وحتى لو ارتفع السعر لاحقًا، فإن الفترة الانتقالية تكون قاسية، ويخرج الكثير من المعدّنين من السوق عاجزين عن الاستمرار.
5. الديون هي مقبرة المعدّنين
يلجأ كثير من المستثمرين إلى القروض أو التمويل الخارجي لشراء معدات التعدين، ظنًا منهم أنهم سيحققون أرباحًا تغطي هذه الالتزامات. لكن تقلب سعر البيتكوين يجعل حساب العوائد المستقبلية شبه مستحيل. النتيجة أن كثيرين يغرقون في ديونهم، وتنهار مشاريعهم قبل أن تبدأ في تحقيق أي عائد ملموس.
6. غياب أي ميزة تنافسية حقيقية
في معظم الصناعات، يمكن للشركات أن تبتكر أو تطور منتجًا أو خدمة تميزها عن الآخرين. لكن في التعدين لا وجود لمثل هذه الميزة. الأمر يعتمد فقط على امتلاك أحدث الأجهزة وأرخص مصادر الكهرباء. أي شخص يملك رأس مال كافٍ يمكنه الدخول إلى السوق، مما يجعل المنافسة شرسة إلى درجة تدفع الصغار للخروج سريعًا وترك الساحة للشركات العملاقة.
7. مجمعات التعدين تستنزف الأرباح
انضمام المعدّنين إلى مجمعات التعدين (Pools) يبدو حلًا منطقيًا لزيادة فرص الحصول على مكافآت، لكنه في الواقع يضيف تحديًا جديدًا. فهذه المجمعات تفرض رسومًا معلنة، وأحيانًا أخرى خفية، قد تصل إلى عشرة في المائة من العائدات. وهكذا يجد المعدّن نفسه يشارك أرباحه مع طرف ثالث يحقق استفادة أكبر من جهده واستثماره.
الخاتمة
تعدين البيتكوين لم يعد كما كان في بداياته مغامرة فردية مربحة. اليوم، هو صناعة ضخمة تتطلب استثمارات هائلة، تكاليف تشغيلية باهظة، ومخاطر قانونية واقتصادية لا يمكن تجاهلها. قد ينجح عدد قليل من الكيانات الكبرى التي تمتلك موارد ضخمة في البقاء، لكن بالنسبة للمستثمر الفرد أو الشركة الصغيرة، فإن الاحتمال الأكبر هو مواجهة الخسارة بدلًا من تحقيق الربح.
إذا كنت تفكر في دخول عالم العملات المشفّرة،
