منذ أكثر من عقد، اعتاد المستثمرون على أن يكون شهر سبتمبر الأحمر من أضعف أشهر العام أداءً لبيتكوين. فمنذ عام 2013، سجّل هذا الشهر متوسط تراجع يقارب 3.7%، مدفوعًا بعمليات جني الأرباح الموسمية وضعف السيولة. لكن عام 2025 يبدو مختلفًا، إذ إن المشهد التنظيمي والمالي يمنح بيتكوين فرصة لكسر هذا النمط التاريخي.
البيتكوين بين الضغط والدعم الفني
دخل بيتكوين سبتمبر وهو يتداول بالقرب من مستوى دعم 106 ألف دولار، بعد تراجعه من قمم 123–124 ألف دولار في يوليو وأغسطس. ورغم كسر المتوسطات المتحركة لـ 50 و100 يوم، وانخفاض مؤشر القوة النسبية (RSI) إلى منطقة التشبع البيعي، إلا أن السعر نجح في الحفاظ على هذا الدعم.
المحللون يرون أن استعادة مستوى 110 ألف دولار قد يفتح الطريق نحو 123–128 ألف دولار، بينما استمرار التدفقات المؤسسية قد يدفع السعر لاحقًا إلى نطاقات تتراوح بين 145–180 ألف دولار.
المؤسسات تغيّر القواعد
التحوّل الأبرز في 2025 هو دخول المؤسسات بقوة:
- تدفقات صناديق ETF: منذ بداية العام تجاوزت 29.4 مليار دولار، وأصبحت مسؤولة عن نحو ربع حجم تداول بيتكوين عالميًا. هذا ساعد على تقليل تقلبات السوق التقليدية المرتبطة بتداول الأفراد.
- قانون الوضوح (Clarity Act): الذي أُقر في مجلس النواب وينتظر موافقة مجلس الشيوخ، يصنّف الأصول الرقمية إلى ثلاث فئات (سلع – أوراق مالية – عملات مستقرة). هذه الخطوة أنهت الجدل بين الجهات الرقابية، ومنحت المؤسسات الثقة اللازمة للدخول بقوة في السوق.
هذا الإطار القانوني الجديد شجع البنوك على إطلاق خدمات حفظ العملات الرقمية، وعزز استخدام أنظمة الدفع العابرة للحدود، وفتح المجال أمام الصناديق الاستثمارية لاعتبار بيتكوين أصلًا رئيسيًا ضمن محافظها.
بيئة اقتصادية داعمة
إلى جانب الدعم المؤسسي والتنظيمي، هناك عوامل كلية تجعل الوضع في 2025 مختلفًا:
- توقعات خفض الفائدة من قبل الفيدرالي الأمريكي تزيد من شهية المستثمرين للمخاطرة.
- تراجع عوائد السندات يعزز جاذبية الأصول البديلة مثل بيتكوين.
- فرض رسوم على الذهب في بعض الأسواق زاد من مكانة بيتكوين كأصل للتحوط.
ورغم تسجيل بعض التدفقات الخارجة في أغسطس (بقيمة 1.2 مليار دولار)، إلا أن ارتدادًا سريعًا بقيمة 219 مليون دولار أظهر استمرار اهتمام المؤسسات بالشراء عند الانخفاض.
إرشادات للمتداولين
شهر سبتمبر في 2025 لا يبدو كسابقيه، بل يمثل اختبارًا جديدًا:
- إدارة المخاطر: مراقبة مستوى 110 ألف دولار أساسية؛ كسره للأسفل قد يفتح الطريق نحو 100 ألف، أما تجاوزه صعودًا فقد يعيد الثقة بالسوق.
- التعامل مع الأرباح: البيع الجزئي عند المقاومة منطقي، لكن التخلي التام عن المراكز قد يحرم المستثمرين من فرص الصعود.
- النظرة الطويلة: بفضل التشريعات وتدفقات المؤسسات، أي تراجعات يمكن أن تتحول إلى فرص للشراء بدلًا من كونها إشارات للخروج.
الخلاصة: سبتمبر عند مفترق طرق
في الماضي، ارتبط سبتمبر بالضعف والضغط البيعي على بيتكوين. أما في 2025، فالصورة مختلفة:
- المؤسسات تضخ مليارات عبر صناديق ETF.
- التشريعات الجديدة تفتح الباب لمزيد من الشرعية.
- البيئة الاقتصادية العالمية تعزز الإقبال على الأصول الرقمية.
اليوم لم يعد سبتمبر مجرد شهر سلبي متكرر، بل تحول إلى مفترق طرق حقيقي يختبر مدى نضج السوق. النجاح فيه سيكون من نصيب من يجمع بين الحذر قصير المدى والإيمان طويل المدى بمستقبل بيتكوين كأصل مالي عالمي.
